فتحت الأزمة الأوكرانية أمامي نافذة على حقيقة إلهية كنت أؤمن بها تسليما فأدركتها بالتجربة الملموسة. منذ أكثر من ثلاثة قرون والغربيون يمضون قُدُما في عالم ازدهار العلوم بكلّ أشكالها، دون أيّ تعطيل يُذكر تقريبا. ولم يتركوا وسيلة، مشروعة أو منحرفة، تؤدّي إلى بلوغ أهدافهم إلاّ استنفذوها. وكلّنا يعلم الأثر العظيم لذلك على العالم وعلى حياة سكّانه، يكاد يستوي في ذلك القويّ والضعيف، والفقير والغنيّ، والمتقدّم والمتخلّف. وطغت على معظم العقول والقناعات مفاهيم أقلّ ما يقال فيها قول المحاور الكافر في سورة الكهف: (مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا)، حتى كتب أحد كتّاب أمريكا كتابا عنونه بـ"نهاية التاريخ وخاتم البشر" ملمّحا إلى ثبات الخيارات الإنسانية على الأنموذج النهائي للحياة. هذا كلام العلماء والمفكّرين والمحلّلين. ولن أنساق وراء كلّ رأيٍ شاذ في الموضوع، وما أكثرها وما أكثر أصحابها. وفجأة، وعند اشتعال فتنة أوكرانيا وما تبعها من قراراتٍ ونتائج أوّلية، وحين نظرت من النافذة التي فُتِحت لي، فإذا أوّل مشهد من عالم التقدّم ورسوخ القدم في المعارف وتطبيقاتها يُنبِئني بأنّ القوم لا يزالون في نفس مكانهم قبل انطلاقهم منذ القرن السابع عشر. فإنْ كانوا يركضون دون توقف طيلة هذه المدّة، فما بالهم يراوحون مكانهم؟ لقد رأينا بأمّ أعيننا لهاثهم وتعبهم وعَرَقَهم وحرصهم وجدّيّتهم وانضباطهم، فما الأمر؟ لقد عمّتْ في حياتهم في غضون هذه الفترة الوجيزة التي لا تتعدّى السنة جميع أصناف مظاهر التأخّر والعوز والعجز والتذمّر، فأين كانت تلك النقائص مُخبّأة؟ إنّي أرى القوم اليوم في بلادهم نسخة طبق الأصل منّا نحن "المتخلّفين" كما دأبوا على نعْتنا. لقد كانت حياتهم الحافلة قائمة على السراب، وكان ركضهم ركضَ الذي يقطع المسافات الطوال على جهاز الجري الثابت Le tapis roulant لا أكثر. لم يبتعدوا عن نقطة انطلاقهم قيد أنملة تقريبا، وقد كانوا في كلّ لحظة أقرب إلى الهاوية التي ظنّوا أنّهم نجوا منها إلى الأبد. هذه هي السمة الرئيسية لدولة الـ"دنيا": الخديعة والملك الزائف. يقول الشاعر إبراهيم ناجي رحمه الله: وانَتَبَهْنَا بعدما زَالَ الرَّحِيـقْ *** وأَفَقَنَا ليتَ أنَّا لا نُفِيــــــــقْ يقظةٌ طاحَتْ بِأَحْلَامِ الْكَرَى *** وتولَّى الليلُ، والليلُ صديقْ وإذا النورُ نذيرٌ طالـــــــــــعٌ *** وإذا الفجرُ مُطِلٌّ كالحَريــقْ وإذا الدُّنُيا كَمَا نَعْرِفُهــــــــــا *** وإذا الأحبابُ كلٌّ فِي طَرِيقْ والحمد لله ربّ العالمين. |
ggomkkjkhyipooooooooopoipoioiop |
ihkdjlkcjczkchc,cxn,sqnhckcnhjkhn |